سورة النجم - تفسير تيسير التفسير

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (النجم)


        


النجم: جنس النجوم. هوى: سقطَ وغرب. ما ضلّ: ما حادَ عن الطريق المستقيم. صاحبكم: هو محمد صلى الله عليه وسلم. وما غوى: ما اعتقد باطلا، ولا حاد عن الهدى. وما ينطِق عن الهوى: وما يقول عن هوى نفسه. شديد القوى: الملَكُ جبريل. ذو مِرة: ذو حصافة عقل وقوة عارضة. فاستوى: فاستقام، واستوى لها عدة معان اخرى. وهو بالأفق الأعلى: وهو بالجهة العليا من السماء. ثم دنا: ثم قرب. فتدلّى: فنزل. فكان قاب قوسين أو أدنى: فكان قربُه قَدْرَ قوسين أو أقرب، والقابُ: المقدار. أفتمارونه: افتجادلونه على ما يراه. نزلةٌ اخرى: مرة أخرى. سِدرة المنتهى: شجرة عظيمة مباركة. جنة المأوى: جنة الخلد التي تؤوي المؤمنين. يغشى: يستر ويغطي. ما زاغ البصرُ: ما مال بصر محمد عما رآه. وما طغى: وما تجاوز ما أُمر به. آيات ربه الكبرى: عجائب ملكوته.
لقد أقسَم الله تعالى بخلْق من مخلوقاته العظيمة التي لا يعلم حقيقتَها الا هو، وهي نجومُ السماء، بأن محمّداً، صاحبَكم يا معشرَ قريش وتعرفونه حقَّ المعرفة، وهو محمد الأمين كما سمَّيتموه- ما عَدَلَ عن طريق الحق، وما اعتقدَ باطلا، ولا يتكلّم إلا بوحيٍ من الله تعالى. وقد نقل إليه هذا الوحيّ من ربه الأعلى وعلّمه إياه جبريلُ الأمين، شديدُ القوى، ذو حصافة عقل ورأي سديد، فاستقام على صورته الحقيقية. ولقد رآه النبيُّ عليه الصلاة والسلام مرَّتَين: مرةً على الأرض في غارِ حِراء، ومرةً أخرى ليلةَ المعراج. ورأى من عجائبِ صنع الله ما رأى، مما استطاعَ أن يخبركم به. وقد اوحى الله إلى عبدهِ ما أوحى، {مَا كَذَبَ الفؤاد مَا رأى}، بل لقد رأى جبريلَ ببصرِه حقيقةً، فلا العينُ اخطأت فيما رأت، ولا القلبُ شكّ فيما رأت العين بل أيقنَ وجزم بصدقها. {أَفَتُمَارُونَهُ على مَا يرى} وبعد هذا كلّه تجادِلونه على ما يراه وتكذّبونه!! كذلك رآه مرةً أخرى عند سِدرة المنتهى بقرب الجنة، {إِذْ يغشى السدرة مَا يغشى} من فضلِ الله ما لا يحيط به وصف.. لقد رأى من عجائب آياتِ ربه الكبرى ما يَبْهَرُ الفؤاد ويجِلُّ عن الوصف.
قراءات:
قرأ هشام: {ما كذّب} بتشديد الدال. والباقون: {ما كذَب} بدون تشديد. وقرأ حمزة والكسائي وخلف ويعقوب: {افَتمرونه} بفتح التاء، أي تغلبونه. والباقون: {افتمارونه}.


اللات والعزَّى ومناة: اصنام كانت تعبدها العرب في الجاهلية وأبطلَها الاسلام. اللات: كانت صخرة مربعة بالطائف، وبها سمى العربُ في الجاهلية زيدَ اللات، وتَيْم اللات. وكانت في موضع منارةِ مسجد الطائف اليسرى اليوم. وبعد فتحِ الطائف بعث الرسولُ الكريم المغيرةَ بنَ شُعبة فهدمها وحرقها بالنار. العُزّى: شجرة من السَمُرِ كانت بوادِ حَراضِ عن يمين الذاهب إلى العراق، وأولُ من اتخذها ظالم بن اسعد، وكانت أعظمَ الاصنام عند قريش. وبها سمت العرب: عبدَ العزى. فلما كان عامُ الفتح دعا النبي خالدَ ابن الوليد فقال له: انطلق إلى شجرةٍ ببطن نَخْلَةَ فاعصرها، فقتلَ سادِنَها وقطع الشجرة. مَناة: وهي أقدم هذه الاصنام، وكان صنمه منصوباً على ساحل البحر بناحية المشلل بِقَديدٍ، بين المدينة ومكة. وكانت العرب جميعا تعظّمه وتذبح حوله. وكانت الأوسُ والخزرج تعظّمه أكثرَ من جميع العرب، وكانوا يحلقون رؤوسهم عند مناة. وبعد فتح مكة أرسل الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم عليَّ بنَ أبي طالب كرم الله وجهه فهدَمها وأخذ ما كان لها. وكان من جملة ما وجدَ عندها سيفان، فوهبَهما الرسولُ إلى علي رضي الله عنه. والعرب تسمى: عبدَ مناة وزيدَ مناة، وكانت أقدم الاصنام الثلاثة. ضِيزى: جائرة، يقال: ضاز يضيز ضيزا: اعوجّ وجار، وضازه حقَّه ظَلَمه. من سلطان: من حجة.
يخاطب الله تعالى قريشاً فيقول: {أَفَرَأَيْتُمُ اللات....}
أخبِروني عن هذه الآلهة التي تعبدونها من دون الله وهي اللات والعزى ومناة.... هل لها قدرة توصف بها؟
وبعد أن أنّبهم على سُخف عقولهم بعبادة الاصنام، التي كانوا يزعمون انها هياكل للملائكة وان الملائكة بناتُ الله، قال: {أَلَكُمُ الذكر وَلَهُ الأنثى تِلْكَ إِذاً قِسْمَةٌ ضيزى} ان هذه القسمة جائرة، وغير عادلة.
ثم أنكر عليهم ما ابتدعوه من الكذِب والافتراء في عبادةِ الأصنام وتسميتها آلهةً بقوله: {إِنْ هِيَ إِلاَّ أَسْمَآءٌ سَمَّيْتُمُوهَآ أَنتُمْ وَآبَآؤُكُم مَّآ أَنَزَلَ الله بِهَا مِن سُلْطَانٍ}
هي أسماء لفّقتموها، وما تتبعون الا الظنَّ الذي تهواه أنفسكم في هذا الشأن. أما الآن وعلى لسان محمدٍ، فقد جاءكم من ربكم الهدى لو تتبعونه.
ومع هذا فإن هذه الأصنام لا تنفعكم، ولا تشفع لكم عند الله، وما هي الا أباطيل من صنع الكهنة والسَدَنة ليأكلوا أموالَ الناس بالباطل.. اما كل ما في هذا الكون دنيا واخرى، فهو مِلك له تعالى، لا شريك له ولم يلد ولم يولد.
وان كثيرا من الملائكة لا تفيد شفاعتهم شيئا، {إِلاَّ مِن بَعْدِ أَن يَأْذَنَ الله لِمَن يَشَآءُ ويرضى}، فاذا كان هذا حالُ الملائكة المقربين عند الله، فكيف حال الأصنامِ الجامدة الميتة!!
قراءات:
قرأ رويس ويعقوب: {اللاتّ} بتشديد التاء، والباقون: {اللات} من غير تشديد. وقرأ ابن كثير: {مناءة} بمدّ الالف والهمزة المفتوحة، والباقون: {مناة}.


مبلغهم من العلم: منتهى علمهم. كبائر الإثم: الجرائم الكبرى كالقتل والسرقة وما يترتب عليه حد. والفواحش: أيضا من الكبائر وهي ما عظُم قبحها. اللّمم: مقاربة الذنب والدنو منه، أو ما صغُر من الذنوب. أنشأكم: خلقكم. أجنّة: جمع جنين، وهو الولد ما دام في بطن أمه.
بعد أن عاب الله عبادةَ الأصنام التي لا تملك نفعا ولا ضرا، ولا شفاعة، وكرر هنا تسفيه أحلامهم بأنهم سمّوا الملائكة بناتِ الله، فمن أين أتاهم ان الله له اولاد هي الملائكة!؟ إنه تعالى غني عن المساعدة وعن الصاحبة والولد، وكلامهم هذا كله دعوى من غير دليل، {إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظن وَإِنَّ الظن لاَ يُغْنِي مِنَ الحق شَيْئاً}. فأعرِض أيها الرسول عن هؤلاء الذين لا همَّ لهم الا جمع حطام الدنيا، لأن ذلك الذي يتبعونه هو منتَهى ما وصلوا اليه من العلم، {إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اهتدى} فهؤلاء قومٌ لا تجدي فيهم الذكرى ولا تؤثر فيهم الموعظة، فلا تبتئس بإنكارهم وكفرهم، اللهُ أعلمُ بهم.
ثم بين بعد ذلك ان الله تعالى هو مالك هذا الكون المتصرفُ فيه، ولذلك فهو القادرُ على الجزاء. وهو عادلٌ يحب العدل، ولذلك يبيّن جزاء الذين أساؤا والذين أحسنوا. وقد بيّن أوصافَ المحسِنين بقوله تعالى: {الذين يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الإثم والفواحش إِلاَّ اللمم}
يعني ان المحسنين هم الذين يبتعدون عن كبائرِ المعاصي والفواحش، فإذا وقعوا في معصيةٍ وتابوا فَ {إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ المغفرة} يغفر كل ذنب كما قال تعالى: {قُلْ ياعبادي الذين أَسْرَفُواْ على أَنفُسِهِمْ لاَ تَقْنَطُواْ مِن رَّحْمَةِ الله إِنَّ الله يَغْفِرُ الذنوب جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الغفور الرحيم} [الزمر: 53]. وعلى هذا يكون اللَّمَمُ هو الإتيان بالمعصِية (من أيّ نوعٍ) ثم يتوب عنها.
ولذلك ختم الآية بان هذا الجزاء، بالسُّوءى والحسنى، مستند إلى علم الله بحقيقة دخائل الناس فقال: {هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنشَأَكُمْ مِّنَ الأرض وَإِذْ أَنتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ فَلاَ تزكوا أَنفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتقى} فهو أعلمُ بأحوالكم، وعندَه الميزانُ الدقيق، وجزاؤه العدْل، واليه المرجع والمآل.
ويرى كثير من المفسرين ان الآية تعني أن الذي يجتنب الكبائرَ يكفِّر الله عنه الصغائرَ، كما قال تعالى: {إِن تَجْتَنِبُواْ كَبَآئِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ} [النساء: 31]، وهذه الآية مدنية. وعلى كل حالٍ فالله تعالى واسعُ المغفرة، رؤوف بعباده حليم كريم.
قراءات:
قرأ حمزة والكسائي وخلف: {الذين يجتنبون كبير الإثم} بالافراد، والباقون: {كبائر الاثم} بالجمع.

1 | 2